روائع مختارة | قطوف إيمانية | في رحاب القرآن الكريم | مسائل في نزول القرآن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > في رحاب القرآن الكريم > مسائل في نزول القرآن


  مسائل في نزول القرآن
     عدد مرات المشاهدة: 2237        عدد مرات الإرسال: 0

1= نزول القرآن:

نزل القرآن أول ما نزل على الرسول صلي الله عليه وسلم في ليلة القدر في رمضان، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ*فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:3-4]، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185].

وكان عُمر النبي صلي الله عليه وسلم أول ما نزل عليه القرآن أربعين سنة على المشهور عند أهل العلم، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعطاء وسعيد بن المسيِّب وغيرهم، وهذه السِّن هي التي يكون بها بلوغ الرشد وكمال العقل وتمام الإدراك.

والذي نزل القرآن من عند الله تعالى إلى النبي صلي الله عليه وسلم، جبريل أحد الملائكة المقربين الكرام، قال الله تعالى عن القرآن:  {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ*نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ*بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:192-195].

وقد كان لجبريل عليه السلام من الصفات الحميدة العظيمة، من الكرم والقوة والقرب من الله تعالى والمكانة والإحترام بين الملائكة والأمانة والحسن والطهارة، ما جعله أهلاً لأن يكون رسول الله تعالى بوحيه إلى رسوله قال الله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ*ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ*مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين} [التكوير:19-21]، وقال: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى*ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى* وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى} [النجم:5-7].

وقال: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:102].

2= أول ما نزل من القرآن:

أول ما نزل القرآن على وجه الإطلاق قطعا ً الآيات الخمس الأولي من سورة العلق، وهي قوله تعالي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1- 5].، ثم فتر الوحي مدة، ثم نزلت الآيات الخمس الأولى من سورة المدثر، وزهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر*قُمْ فَأَنْذِرْ*وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ*وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ*وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر:1-5]، ففي الصحيحين: صحيح البخاري ومسلم ، عن عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي قالت: حتى جاءه الحقٌّ، وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال اقرأ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم «ما أنا بقارئ» يعني لست أعرف القراءة فذكر الحديث، وفيه ثم قال:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق} إلى قوله:{عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1-5].

وفيهما عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلي الله عليه وسلم قال وهو يحدث عن فترة الوحي: «بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء....» فذكر الحديث، وفيه، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر*قُمْ فَأَنْذِرْ} إلى {وَالرُّجْزَ فَاهْجُر} [المدثر:1-5].

وثمت آيات يقال فيها: أول ما نزل، والمراد أول ما نزل بإعتبار شيء معين، فتكون أولية مقيدة مثل: حديث جابر رضي الله عنه في الصحيحين، إن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله: أي القرآن أنزل أول؟ قال جابر:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر:1] قال أبو سلمة: أنبئت أنه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1] فقال جابر: لا أخبرك إلا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت...» فذكر الحديث وفيه: «فأتيت خديجة فقلت: دثروني، وصبوا علي ماء بارداً، وأنزل علي: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر:1] إلى قوله:{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر:1-5]».

فهذه الأولية التي ذكرها جابر رضي الله عنه بإعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحي، أو أول ما نزل في شأن الرسالة، لأن ما نزل من سورة اقرأ ثبتت نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، وما نزل من سورة المدثر ثبتت به الرسالة في قوله {قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر:2] ولهذا قال أهل العلم: إن النبي صلى الله عليه وسلم نبئ ب اقْرَأْ [العلق:1] وأرسل ب الْمُدَّثِّرُ [المدثر:1].

3= نزول القرآن ابتدائي وسببي:

ينقسم نزول القران إلى قسمين:

= القسم الأول: إبتدائي: وهو ما لم يتقدم نزوله سبب يقتضيه، وهو غالب آيات القران، ومنه قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [التوبة:75] الآيات فإنها نزلت إبتداء في بيان حال بعض المنافقين، وأما ما إشتهر من أنها نزلت في ثعلبة ابن حاطب في قصة طويلة، ذكرها كثير من المفسرين، وروجها كثير من الوعاظ، فضعيف لا صحة له..

= القسم الثاني: سببي: وهو ما تقدم نزوله سبب يقتضيه. والسبب:

أ‌- إما سؤال يجيب الله عنه مثل {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189].

ب‌- أو حادثة وقعت تحتاج إلى بيان وتحذير مثل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التوبة:65] الآيتين نزلتا في رجل من المنافقين قال في غزوة تبوك في مجلس: ما رأينا مثل قران هؤلاء أقرب بطونا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن فجاء الرجل يعتذر النبي صلى الله عليه وسلم فيجيبه {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة: 65].

ج- أو فعل واقع يحتاج إلى معرفة حكمه مثل: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة:1]

[] فوائد معرفة أسباب النزول:

1= معرفة أسباب النزول مهمة جدا، لأنها تؤدي على فوائد كثيرة منها:

بيان أن القران نزل من الله تعالى، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الشيء، فيتوقف عن الجواب أحيانا، حتى ينزل عليه الوحي، أو يخفي الأمر الواقع، فينزل الوحي مبينا له.

*مثال الأول: قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} [الإسراء:85]، ففي صحيح البخاري، عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: أن رجلا من اليهود قال: يا أبا القاسم ما الروح؟ فسكت، وفي لفظ: فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يرد عليهم شيئا، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} [الإسراء:85] الآية.

*مثال الثاني: قوله تعالى {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلّ} [المنافقون :8] وفي صحيح البخاري أن زيد ابن أرقم رضي الله عنه سمع عبد الله ابن أبى رأس المنافقين يقول ذلك، يريد أنه الأعز ورسوله الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأزل، فأخبر زيد عمه بذلك، فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم زيدا فأخبره بما سمع ثم أرسل إلى عبد الله ابن أبيه وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تصديق زيد في هذه الآية، فإستبان الأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2= بيان عناية الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم في الدفاع عنه مثال ذلك قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} [الفرقان:32] وكذلك آيات الإفك، فإنها دفاع عن فراش النبي صلى الله عليه وسلم وتطهير له عن ما دنسه به الأفاكون.

3= بيان عناية الله تعالى بعباده في تفريج كرباتهم وإزالة غموضهم، مثال ذلك آية التيمم، ففي صحيح البخاري، أنه ضاع عقد لعائشة رضي الله عنها، وهي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأقام النبي صلى الله عليه وسلم لطلبه، وأقام الناس على غير ماء، فشكوا ذلك إلى أبي بكر، فذكر الحديث وفيه: فأنزل الله أية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، والحديث في البخاري مطولاً.

4= فهم الآية على الوجه الصحيح.

مثال ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة:158] أي يسعى بينهما، فإن ظاهر قوله: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْه} أن غاية أمر السعي بينهما، أن يكون من قسم المباح، وفي صحيح البخاري، عن عاصم بن سليمان قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن الصفا والمروة، قال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى قوله: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} وبهذا عرف أن نفي الجناح ليس المراد به بيان أصل السعي، وإنما المراد نفي تحرجهم بإمساكهم عنه، حيث كانوا يرون أنهما من أمر الجاهلية، أما أصل حكم السعي فقد تبين بقوله:{مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}.

[] عموم اللفظ وخصوص السبب:

إذا نزلت الآية لسبب خاص، ولفظها عام كان حكمها شاملا لسببها، ولكل ما يتناوله لفظها، لأن القران كان نزل تشريعا عاما لجميع الأمة فكانت العبرة بعموم لفظه لا بخصوص سببه.

مثال ذلك: آيات اللعان، وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور:6] {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور:9] إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور:6] ففي صحيح البخاري، من حيث ابن عباس رضي الله عنهما: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم: البينة أو حد في ظهرك، فقال من الحد، فنزل جبريل، وأنزل عليه: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فهذه الآيات نزلت بسبب قذف هلال بن أمية لامرأته، لكن حكمها شامل له ولغيره، بدليل ما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، أن عويمر العجلاني جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنه بما سمي الله في كتابه، فلاعنها، الحديث .

فجعل البني صلى الله عليه وسلم حكم هذه الآيات شاملا لهلال بن أمية وغيره.

من كتاب: أصول في التفسير للإمام محمد ابن عثيمين رحمه الله تعالى.

الكاتب: مريم عبد الله.

المصدر: موقع ياله من دين.